التهاب الثدي أثناء الرضاعة: الأسباب والعلاج

التهاب الثدي عند المرضع: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

يُعد التهاب الثدي عند المرضع من المشكلات الصحية الشائعة التي قد تواجهها الأمهات الجدد بعد الولادة. هذا المرض يمكن أن يُسبب للأم آلاماً شديدة ويؤثر على قدرتها على الرضاعة الطبيعية، مما يتطلب تدخلاً سريعاً وعلاجاً فعالاً لتجنب تفاقم المشكلة. يعتمد التهاب الثدي على عوامل عدة تشمل العدوى، انسداد القنوات اللبنية، بالإضافة إلى تغيرات هرمونية تحدث بعد الولادة. في هذا المقال، سنتناول الأسباب الرئيسية لهذا الالتهاب، الأعراض المرتبطة به، سبل الوقاية والعلاج المتاحة، بالإضافة إلى العوامل التي قد تساهم في حدوثه.

1. ما هو التهاب الثدي عند المرضع؟

التهاب الثدي (أو “التهاب الأنسجة الثديية”) هو حالة تحدث عندما يحدث تورم أو التهاب في أنسجة الثدي، وغالباً ما يرتبط بالعدوى. يتكون الثدي من غدد صغيرة تُسمى “الحويصلات” والتي تنتج الحليب، وقنوات حليب تنقل الحليب إلى الحلمة. أثناء الرضاعة الطبيعية، قد يحدث انسداد في هذه القنوات أو تعرضها للبكتيريا، مما يؤدي إلى حدوث التهاب وألم.

2. أسباب التهاب الثدي عند المرضع

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى التهاب الثدي عند المرضع، ومنها:

2.1 انسداد القنوات اللبنية

عندما لا يتم تفريغ الحليب بشكل كامل من الثدي أثناء الرضاعة، يمكن أن تتجمع كمية من الحليب في القنوات اللبنية، مما يؤدي إلى انسدادها. هذا الانسداد قد يتسبب في التهاب الأنسجة المحيطة، مما يؤدي إلى حدوث التورم والألم.

2.2 العدوى البكتيرية

البكتيريا هي السبب الأكثر شيوعاً في حدوث التهاب الثدي. عندما تدخل البكتيريا عبر الحلمة، قد تسبب عدوى في الأنسجة الثديية. هذا النوع من العدوى يحدث غالباً عندما تكون الحلمة مشقوقة أو متشققة بسبب الرضاعة، مما يسهل دخول البكتيريا. من أشهر أنواع البكتيريا التي تسبب هذه العدوى هي العقدية و المكورات العنقودية.

2.3 التغيرات الهرمونية

بعد الولادة، تحدث العديد من التغيرات الهرمونية التي تؤثر على جسم المرأة، بما في ذلك الثدي. في بعض الأحيان، قد تؤدي هذه التغيرات إلى احتباس الحليب داخل الثدي، مما يسبب التورم والضغط داخل الأنسجة.

2.4 ضغوطات الرضاعة غير الصحيحة

من الممكن أن تؤدي الرضاعة بطريقة غير صحيحة أو غير منتظمة إلى إجهاد الثدي وتراكم الحليب في بعض المناطق، مما يسبب التهاباً في الأنسجة. يمكن أن يحدث هذا إذا كانت الرضعة غير متوازنة أو إذا كانت الأم لا تسمح للطفل بإفراغ الثدي بشكل كامل.

2.5 الإصابة بأمراض أخرى

أحياناً، قد تكون بعض الحالات الصحية مثل السكري أو ضعف جهاز المناعة عاملاً مساهماً في زيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الثدي، حيث أن هذه الأمراض قد تقلل من قدرة الجسم على محاربة العدوى.

3. الأعراض الشائعة لالتهاب الثدي عند المرضع

تتفاوت أعراض التهاب الثدي من حالة إلى أخرى، لكنها عادة ما تتضمن ما يلي:

• ألم في الثدي: يعتبر الألم أحد الأعراض الرئيسية لهذا الالتهاب، وقد يكون متواصلاً أو يأتي على فترات. يتراوح هذا الألم بين الخفيف والشديد.

• تورم واحمرار: قد يظهر على الجلد المحيط بالثدي احمرار أو تغير في اللون، وقد يكون هناك انتفاخ ملحوظ.

• شعور بالحرارة في الثدي: غالباً ما يكون الثدي المصاب دافئاً أو ساخناً عند اللمس.

• إفرازات من الحلمة: قد يظهر بعض الحليب الملوث بالقيح أو الدم في بعض الحالات، مما يدل على وجود عدوى.

• حمى وقشعريرة: إذا كان التهاب الثدي ناجماً عن عدوى بكتيرية، قد تشعر المرأة بحمى مرتفعة وأعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا.

• إحساس عام بالإرهاق: نتيجة للعدوى والألم، قد تشعر الأم بالإجهاد وفقدان الطاقة.

4. الوقاية من التهاب الثدي عند المرضع

على الرغم من أن التهاب الثدي عند المرضع قد يحدث لأي امرأة، إلا أنه يمكن اتخاذ بعض التدابير الوقائية لتقليل احتمالية حدوثه:

4.1 الرضاعة الصحيحة

من الأهمية بمكان أن يتمكن الطفل من الرضاعة بشكل صحيح حتى يتم تفريغ الثدي بشكل كامل. يجب التأكد من أن الطفل يتناول الحلمة بأكملها في فمه لتجنب تراكم الحليب في القنوات اللبنية.

4.2 تنظيم الرضاعة

يجب أن يتم الرضاعة من كلا الثديين في كل جلسة، مع التأكد من أن الطفل يحصل على الحليب من كل من الثديين بشكل متوازن. من المهم أيضاً تجنب الفترات الطويلة بين الرضعات، حيث أن هذا قد يؤدي إلى تجمع الحليب في الثدي.

4.3 العناية بالحلمات

من الضروري أن تحرص الأم على العناية بحلماتها لتجنب تشققها، مما يسهل دخول البكتيريا. يمكن استخدام مرطبات طبيعية أو كريمات مناسبة لترطيب الحلمات ومنع تشققها.

4.4 الراحة والنوم الجيد

الراحة والنوم الجيد لهما تأثير كبير في تقوية جهاز المناعة، مما يقلل من خطر الإصابة بالعدوى.

4.5 تجنب الملابس الضيقة

ارتداء ملابس ضيقة قد يضغط على الثديين، مما قد يؤدي إلى احتباس الحليب. من الأفضل اختيار ملابس مريحة وفضفاضة لتجنب هذا الضغط.

5. علاج التهاب الثدي عند المرضع

يجب معالجة التهاب الثدي بشكل سريع لتجنب تفاقم الحالة وتحولها إلى خراج (تجمع صديدي). تشمل طرق العلاج ما يلي:

5.1 المضادات الحيوية

إذا كان التهاب الثدي ناتجاً عن عدوى بكتيرية، يتم وصف مضادات حيوية للمساعدة في مكافحة العدوى. من المهم أن تلتزم الأم بتناول المضادات الحيوية طوال المدة المحددة، حتى لو شعرت بتحسن.

5.2 الرضاعة المنتظمة

استمرار الرضاعة من الثدي المصاب يساعد في تفريغ الحليب المحتبس. في حال كانت الأم تشعر بألم شديد أو قلق، يمكن أن تستخدم مضخة الثدي لإفراغ الحليب، ولكن الرضاعة الطبيعية تبقى الأفضل.

5.3 الكمادات الدافئة

وضع كمادات دافئة على الثدي المصاب يمكن أن يساعد في تخفيف الألم والتورم. يمكن للأم استخدام قطعة قماش مبللة بالماء الدافئ وتطبيقها على الثدي لبضع دقائق قبل الرضاعة.

5.4 مسكنات الألم

إذا كانت الأعراض شديدة، يمكن أن يوصي الطبيب باستخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى.

5.5 العلاج الجراحي (في حالات نادرة)

في بعض الحالات الشديدة، مثل تكوّن الخراج، قد يكون من الضروري اللجوء إلى تدخل جراحي لتصريف القيح أو إزالة الأنسجة المصابة.

6. مضاعفات التهاب الثدي

إذا لم يُعالج التهاب الثدي بشكل مناسب، قد يتطور الأمر إلى مضاعفات أكثر خطورة. من هذه المضاعفات:

• الخراج: وهو تجمع صديدي في أنسجة الثدي قد يحتاج إلى تفريغ جراحي.

• العدوى المزمنة: قد تتحول العدوى إلى حالة مزمنة، مما يؤدي إلى آلام مستمرة.

• ضعف الرضاعة: إذا كانت الأعراض شديدة، قد يجد الطفل صعوبة في الرضاعة من الثدي المصاب، مما قد يؤثر على نموه وتغذيته.

7. الخلاصة

التهاب الثدي عند المرضع من المشاكل الصحية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الأم وصحتها العامة، فضلاً عن تأثيره على الرضاعة الطبيعية. لذلك، يجب أن تكون الأمهات على دراية بكيفية الوقاية من هذه الحالة والتعامل معها في حال حدوثها. مع العلاج المناسب والرعاية الجيدة، يمكن للأم أن تتعافى بسرعة وتعود إلى الرضاعة الطبيعية دون مشاكل صحية.